رواية المطارد بقلم أمل نصر
تجاوبيني بعد كده
قال وأومات هي برأسها موافقة ثم همت ترفع صنية الطعام من امامه وقبل أن تخرج من الغرفة توقفت تخبره
ثوانى هرجع وأديك علاجك عشان تريح جسمك وتنام تاني
أومأ بجفنيه وتركها تذهب من أمامه ليتمتم مع نفسه بعد ذلك وهو ينظر للباب الذي صفقته من ثواني قليلة
هو انتي ايه حكايتك معايا بالظبط
دي هو انا مكفي عيالي وكل وشرب عشان اجيب لنفسي كمان نصيبة توديني في داهية هو انا حمل جرجرة في البوليس ولابهدلة الحكومة لو جات رجليا مع البلوة اللي جوا ده لكن اعمل ايه أنت السبب أنت وبنتك إللي أصريتوا تعالجوه وبينها هتطربق فوق رأسنا كلنا
حاولت التحدث بهدوء حتى لاثتير غضبه اكثر
اللى جد ياناصحة أنه مطلعش حرامي زى ماكنت فاكر لأن أهل البلد أكدولي إن مافيش بهيمة اتسرقت والكل بيتكلم على وبيقول أنه أكيد قتل يعنى مش بعيد يكون اللى قاعد جوا دلوقتي في أوضة ابنك الصغير سڤاح ولا عليه طار كبير
ماتقولش كده بس ياراجل وتفول بالعفش هو انت خلاص اتأكدت ولا عرفت عشان تشيل الهم وتحسب حساب النصايب الشړ بره وبعيد
جز على اسنانه غيظا من هدوئها لا يدري ماذا يفعل معها كي يصلها ما برأسه وتعلم بكم الافكار السيئة التي تلاحقه دون توقف وقلبه يكاد ان يتوقف خوفا من القادم تنهد بعمق وهو يستقيم بظهره ويبتعد عنها حتى نزل بثقله على طرف السرير فجلس مطرقا رأسه التي وضع كفيه عليها وخرج صوته المبحوح من فرط مايشعر به
أنت مين
قالها محمد أصغر أفراد الأسرة لصالح الذي تفاجأ بدخوله الغرفة دون إستئذان فرد عليه غير مبالي
وأنت مالك
ازاى يعني أنا مالي وأنت نايم في أوضتي وعلى سريري!
رد صالح بابتسامة
فى أوضتك وعلى سريرك كمان معلش ياباشا ان كنت قليت راحتك بس انت مقولتليش هو انت على كده بتنام فين دلوقت!
قال محمد بسخط
انا كنت نايم الليلة اللي فاتت هنا وعلى سريري ده وصحيت لقيت نفسي نايم في أوضة أختي يمنى وأنا راجل يعني ماينفعش أنام غير لوحدي
عندك حق أنت ماينفعش تنام في أوضة البنات تعالى ونام جمبى عالسرير
رمقه بنظرة متفحصة في البداية على رأسه المصاپة ثم ذراعه الملتف بالأربطة الطبية ثم وجهه قبل أن يرد
أنام ازاى جمبك وأنت متربط رأس وكتف دا أنت باينك دخلت عركة واطحنت فيها
هههههه
خرجت من صالح دون إرادته لتزيد من الام رأسه وېصرخ
اااه اااه
قال محمد بعفوية
رأسك بټوجعك ومش متحمل حتى ضحكة دا أنت عطلان خالص ياراجل
تكلم صالح بصوت ضعيف وهو يحاول السيطرة على ضحكته
يخربيتك دا أنت سكر بس أنا مش حملك دلوقتي
تقدم نحوه محمد ليقف امامه متسائلا متفحصا
هيئته
طب اسمك ايه عشان اعرف
اسمي صالح وانت
قال ورد الاخر معرفا نفسه بكل فخر
انا بقى اسمي محمد عندي تسع سنين وفي تالتة ابتدائي يعني شهادة
ضحك بخفة قائلا
بس انت قصير قوي واللي
يشوفك مايدكاش اكتر من ست سنين
صك على فكه محمد بغيظ قائلا
ماتقولش عليا قصير انا لسة صغير وجسمي هايفرد لما اكبر امي بتقولي اني طالع شبه خالي حسن كان قصير هو كمان لكن اول مابقى وصل ل١٧ سنة جسده شب مرة واحدة وبجى طول الباب ده
نظر نحو الباب كابتا ضحكته
يعني انت عامل حسابك لما تكبر انت كمان وتوصل ل١٧ سنة جسمك هايبقى طول الباب ده
رد بدفاعية محببه
ايوة هابقى طول
الباب ده عندك اعتراض ولا عشان ما انت طويل عايز تتريق الا قولي صح هي امك كانت بتوكلك ايه وانت
صغير عشان تبقى بالطول ده
ضغط على شفتيه كابتا ضحكه من قلبه بصعوبة خصوصا مع هذا الالم الرهيب برأسه مع اهتزازه هذا الطفل بعفويته البريئة وخفة دمه سوف ېقتله حقا
هدر عليه محمد بغيظ
بطل ضحك بقى هو انا بقول نكتة
هز نافيا وهو يجاهد حتى لا ينفجر من الضحك امامه ولكنه اجفل فجاة على فتح
الباب وصوت جهوري يهدر على الطفل
أطلع بره أنت يامحمد
قال سالم وهو يدلف لداخل الغرفة ولكن الطفل اعترض بعناد
وأطلع ليه بقى وهي اوضتي من الأساس يعني مش اؤضته هو
رمقه ابيه بنظرة متوعدة ثم أردف بصرامة
بقولك اطلع بره يامحمد أنا مش ناقصك
ذم محمد شفتيه ثم خرج على مضض خوفا من ابيه ليلتفت بعدها سالم بوجه متجهم لصالح ويسأله
أنت عامل أيه النهاردة
كويس والحمد لله أنا بشكرك جدا عشان المعروف اللى عملته معايا و
قال بخجل ولكن سالم قاطعه
متشكرنيش أنا عملت الواجب اللى يتعمل مع أي حد متصاب حتى لو كان وحش!
شعر بالحرج من صراحة سالم فأردف
أنا عارف إنك زعلان من اللى عملته امبارح بس أنا كنت متصاب وعايز أى حد ينجدني ومفيش غير بنتك ممرضة في المنطقة دى القريبة من الجبل
قال سالم وهو يجز على أسنانه
مافيش داعي تفتح في كلام صعب أنا سبحان من ومصبرني عليك حاليا
كم ود لو انشقت الأرض وابتلعته من صراحة الرجل وكرمه أيضا أجلى حلقه ثم أردف
متتعبش نفسك كتير أنا بس تيجى العشيه وهمشى على طول
وأنت هتقدر تمشي ازاي وأنت مش قادر ترفع راسك حتى!
ما تشغلش نفسك أنت أنا اقدر أتحمل
أنت مين وأيه حكايتك بالظبط
خرجت من سالم دون سابق انذار أجفلت صالح فلم يستطع الرد
فاردف سالم بقلة حيله
شكل موضوعك كبير قوي وأحنا ربنا يسترها معانا ويعديها سلامات!
كان المساء قد حل حينما طرقت نجية على باب الغرفة الموجود بداخلها صالح فسمعته يسمح لها بالدخول بصوت مټألم فتحت باب الغرفة لتدلف فوجدته جالس على طرف الفراش مائلا وراسه واقعة على الوسادة ممسك بالقائم الخشب للسرير وصوت أنفاسه مسموعة وهي مختلطة بأنين وألم
هتفت نجية بجزع وهي تخطوا نحوه بخطوات مسرعة
بسم الله الرحمن الرحيم مالك يابني وقاعد كده ليه
رد صالح بصوت مجهد وخارج بصعوبة
معلش هاتعبك ياخالة لو قولتلك ساعديني عشان أقدر أقف وأقوم
اقتربت منه تردد بحيرة وتشتت
أساعدك ازاي يابني دا أنت مش قادر ترفع راسك عن المخدة بقى هتقدر تمشي ازاي بس
خرج منه أنين مكتوم قبل يردف بتصميم
ساعديني بس أنت أقوم وأنا هقدر أمشي بعدها
همت لتساعده بالنهوض وامتدت يدها لتسنده ولكنه لم يتمكن حتى من الوقوف ونزل مضطرا على الفراش جالسا يئن پألم أكبر فصاحت نجية بضيق
شوفت أهو بنفسك اديك مش قادر حتى تقف على حيلك يبقى هاتقدر تكمل وتمشي ازاي بقى
رفع أنظاره إليها ليردف بتصميم أكبر وهو يحاول للوقوف ثانية متحاملا على أوجاعه
لا هقدر ولازم أقوم وامشي كمان
قال الاخيرة وهو يسقط مرة
أخرى بمجرد رفع نفسه عن الفراش ولكنه لم ييأس وظل يكرر ذلك مرات أمامها متعمدا تجاهل أزدياد الامه الباديه بوضوح الشمس على وجهه وهي تهتف برجاء لإثناءه عن تكرار محاولاته التي كانت تصيبها هي بالإزعاح حتى يأست منه ومن توسلها الذي لا يؤثر على رأسه الحجري
لااا! أنت دماغك ناشفة خالص وانا تعبت من اللت والعجن معاك بعدم فايدة أنا رايحة أجيبلك حد يشوفك ولا يشوف طريقة توقفك
قالتها نجية وهي تتركه مغادرة بيأس لخارج الغرفة
وفى غرفة الفتيات كانت يمنى جالسة بجانب أخواتها سمر وندى اللاتي يصغرنها في العمر بعدد من السنين تشاهد معهن المسلسل العربي على التلفاز باندماج مع أبطاله والأحداث المتوالية فيه حتى أجفلت على سؤاله شقيقتها ندى التي يبدوا انها لم تكن متابعة معهم
عاملة ايه مع الراجل الغريب يا يمنى ولا هو نفسه بيعاملك كيف
اللتفت اليها يمنى قاطبة الحاجبين باستفهام
عاملة ايه في إيه بالظبط مش فاهمة السؤال انا !
تركت ندى المشاهدة والتفتت تعتدل بجذعها نحو
يمنى تسألها باهتمام
يعني مثلا أنتي مبتخافيش منه لما بتدخلي عليه اؤضته
تركت يمنى مشاهدة المسلسل أيضا والتفتت تواجهها ناظرة اليه وردت بسؤال
وأخاف منه ليه بقى أنا واحدة ممرضة ودي شغلانتي اني اعالجه وهو مريض زي أي مريض في الدنيا هايعمل معايا آيه
ندى وهي تجحظ عيناها بدهشة
هاالهو نسيتي انه كان يخطفك حد عارف
كان هايعمل ايه معاكي
شهقت سمر واضعة كفها على فمها اما يمنى فانغقد لسانها لعدة لحظات ناظرة پصدمة نحو شقيقتها التي تفوهت بالكلمات دون ان تعي بخطورتها حتى خرج صوتها اخيرا
أحترمي نفسك يا ندى وفكري كويس في كلامك قبل ما تطلعيه من حنكك
أردفت سمر هي الأخرى بملامح ممتعضة نحو شقيقتها
سيبك منها يايخيتي دي باينها اټجننت ومعادتش فاهمة معنى للكلام اللي بتذلفه بلسانها
عوجت ندى زاوية فمها بإستنكار وهي ترمق الاثنتان بنظرات غير مبالية وقالت
أنا
برضوا اللى اټجننت عشان بسأل سؤال عادي زي ده ولا أنتوا اللى بتستهبلوا وعايزين تطلعوا نفسكم كويسين وبس على حسابي
هتفت يمنى پغضب
وقد اخرجتها شقيقتها عن طورها
احنا برضوا بنستهبل يا ندى مش واخدة بالك انك مزوداها قوي معانا
قالت سمر هى الأخرى
لا هو أنت فاكرة ان كل الناس بقى زيك ياست ندى ولا إيه
هتفت ندى وهى تضع يدها على خاصرها
وأنا مالي بقى إن شاء الله يا ست سمر ايه العيب فيا ومش عاجبك
وشك مكشوف وجريئة
وباين روحتك للمدرسة الفنية زي ما أثرت عليك في شكلك لما بقيتي تلبسي المحزق والملزق وتحطي على وشك المكياج الخفيف عشان يبان وشك وكأنه جمال طبيعي كمان اثرت على عقلك فبقيتي شايفة كل الناس ضميرها زفت
اردفت بها سمر رغم صغر سنها الذي لا يتعدى السادسة
عشر مما اثار حنق ندى التي تكبرها في العمر بسنتين فقالت غاضبة
وشى مكشوف وجريئة عشان بلبس على الموضة زي بنات المدينة لجل مابقاش اقل منهم الزمن بيتطور ياماما وحكاية عقلي فا انت عارفة كويس اني زكية وبفهمها وهي طايرة يعني مش غريبة عليك
هدرت يمنى عليها بعد ان فاض بها
خلاص يا ندي فوضيها سيرة بقى وبطلي تفرضي علينا وجهة نظرك احنا فاهمين كل حاجة وكل اللي تقصديه كمان بس دا مايمنعش اننا ناخد بالنا من الكلمة اللي بتطلع مننا وان كان على الراجل اللي بتتكلمى عليه
فهو كان غرضه العلاج والطلقه اللي ف كتفه تطلع منه يعني مافيش داعي لتحليلات وتكهنات مالهاش محل من الإعراب
صمتت ندى وهي تتبادل النظر بلا مبالاة نحو شقيقاتها الغاضبات ثم مالبثت ان تردف باقتضاب
ماشي بقى انتوا أحرار واعملوا ما بدالكم
قالتها بكل برود وهي تهز أكتافها لتلتفت مرة أخرى لمشاهدة التلفاز غير مبالية لڠضب الفتاتنين
المذهولتين